vc_edit_form_fields_attributes_vc_ 1 من 3 | لماذا تعتبر حماية البيانات أمرا أساسيا في العمل الإنساني – الصليب الأحمر الهلال الأحمر
تقرير إخباري مرئي

1 من 3 | لماذا تعتبر حماية البيانات أمرا أساسيا في العمل الإنساني

يمكن للبيانات أيضا أن تنقذ الأرواح وتتكاتف جهود المنظمات الإنسانية حاليا لتحسين طريقة تجميع البيانات واستخدامها. ولكن هل أن هذه المنظمات مستعدة للتعامل مع سوق البيانات العالمي الذي يفتقر إلى حد كبير إلى القواعد ويحكمه قانون الغاب؟

التهافت العالمي على الذهب

في عالم التسويق، يُطلق أحيانا على البيانات عبارة “الذهب الجديد” نظرا لكونها أداة ثمينة عند توجيه منتجات أو خدمات أو رسائل لعناية أشخاص يشير نشاطهم على الإنترنت وبياناتهم الشخصية بأنهم على الأرجح سيتقبلون المنتج ويمكن استهدافهم. 

والأمر لا يقتصر على تحقيق الأرباح المالية هنا. إذ يمكن استخدامها كأداة لإنفاذ القانون أو حشد القوة السياسية أو حتى كسلاح حرب. وبالنسبة لملايين الأشخاص حول العالم، تساعد البيانات ببساطة على تحسين عيشهم، حيث تصلهم بسرعة بالأشخاص والخدمات ومصادر التمتّع على غرار الفنون والموسيقى. 

ولكن البيانات قادرة أيضا على إنقاذ الأرواح. حيث تستخدمها المنظمات الإنسانية للاستجابة على نحو أكثر فعالية للأزمات مثل الكوارث الطبيعية والنزاعات ولتعقب الأشخاص وحمايتهم من الأمراض التي تنتشر بسرعة مثل الكوليرا وإيبولا وكوفيد-19.  

ولكن ماهي حدود استخدام كم هائل من البيانات ومخاطره في سوق يفتقر للمعايير العالمية، ويشهد غياب الأحكام التنظيمية الملزمة للجميع، من حيث جمع لبيانات واستخدامها وحفظها وبيعها وحمايتها؟ وفي حين تعتمد بعض البلدان والمناطق على قوانين لحماية البيانات (على غرار القانون العام لحماية البيانات الصادر عن الاتحاد الأوروبي)، لا توجد إلى الآن آلية عالمية لحماية البيانات.  

يمكن للبيانات أن تساعد أول المستجيبين على الصعيد المحلي على تكييف عملهم في الوقت المناسب. ففي بوروندي، يقتضي دور متطوعي الصليب الأحمر تجميع البيانات أثناء حالات الطوارئ. وحين لحقت فيضانات بالبلاد سنة 2020، متسببة في نزوح الآلاف، تمكن المتطوعون من تلبية احتياجات الناس في الوقت المناسب أثناء انتقالهم للعيش في مخيمات للنازحين، وتمكنوا في نهاية المطاف من العودة إلى بيوتهم المتضررة.

مخاطر عالية

وُضعت القوانين الدولية لحماية الأشخاص المتضررين من النزاعات أو الكوارث الطبيعية، وكانت رموز معروقة على غرار رمز الصليب الأحمر قادرة على حماية العمل الإنساني. ولكن بالكاد تتوفر آليات لحماية البيانات التي تُجمع في إطار مساعدة الأشخاص على تجاوز أزمة كارثة طبيعية ما أو نزاع أو أي أزمة أخرى.  

ويقول Nathaniel Raymond، محاضر وخبير في مجال حقوق الإنسان في معهد جاكسون للشؤون العالمية التابع لجامعة Yale “نعرف كيف نبني سقف مستشفى ميداني. ولكن كيف تُدرج الصليب الأحمر أو الهلال الأحمر ضمن خادم حاسوب؟ وكيف نُدرج الصليب الأحمر أو الهلال الأحمر ضمن قاعدة بيانات أو ناقلة بيانات؟ 

“لم نتمكن إلى الآن من الإلمام بكيفية التعرف على البيانات ذات الصبغة الإنسانية وحمايتها، وهو ما يزيد من خطر تحويل هذه البيانات إلى سلع أو أسلحة أو استغلالها لأغراض أخرى.” 

فعلى سيل المثال، يمكن للمجموعات المسلحة أو الحكومات الحصول على هذه البيانات لتعقب الأشخاص الذين يعتبرونهم أعداء. أو يمكن أن يستغل المتاجرون بالبشر هذه البيانات لاستهداف المستضعفين. 

وفي الأثناء، للشبكات الهاتفية والمصارف ومنصات التواصل الاجتماعي التي تستخدمها مجموعات المساعدات الإنسانية لتقديم خدماتها، مخططاتها الخاصة بها. 

ويقول Alexandrine Pirlot de Corbion، مدير قسم الاستراتيجيات بمنظمة Privacy International، وهي منظمة عالمية رائدة في مجال خصوصية البيانات “يعتمد العديد من الشركات التي توفر هذه المنصات والخدمات على نماذج عمل قائمة على البيانات والاستخدام الكثيف لها.  

“وهي تعتمد على معالجة البيانات على نطاق واسع لتحقق ازدهارها الخاص. وغالبا ما لا تلقي هذه الشركات بالا لحقوق الإنسان أو أي اعتبارات أخرى تتعلق بمدى تضرر مختلف مستخدمي منصاتها من المنتجات التي توفرها.”  

وفي نفس الوقت، تعاني الأوساط الإنسانية من تزايد الطلبات على خدماتها، جراء النزاعات المطولة، وتكرر وتيرة العواصف وانتشار الأمراض، بينما تشهد ميزانياتها تراجعا وبينما تحث الجهات المانحة المجموعات الإنسانية على أن تكون أكثر فعالية.  

ويقول السيد Pirlot de Corbion، الذي شارك أيضا في تأليف الإصدار المشترك لمنظمة Privacy International واللجنة الدولية للصليب الأحمر بعنوان مشكلة البيانات الوصفية في مجال العمل الإنساني:عدم إلحاق الضرر في العصر الرقمي 

“والجانب الآخر من الواقع يعكس امتداد النزاعات لفترات أطول، وزيادة تواتر الكوارث الطبيعية، وهو ما يفرض ضغطا مستمرا على مجموعات المساعدة الإنسانية لحثها على بذل المزيد من الجهد ولكن بتكلفة أقل.” 

بينما تُستخدم القوانين والرموز لحماية العاملين في المجال الإنساني الذين يؤدون مهام خطرة على أرض الواقع، يفتقر العمل الإنساني إلى وسائل حماية مماثلة تحمي البيانات الحساسة. ويقول خبير البيانات الإنسانية Nathaniel Raymond"نعرف كيف نبني سقف مستشفى ميداني. ولكن كيف تُدرج الصليب الأحمر أو الهلال الأحمر ضمن خادم حاسوب أو ناقلة بيانات؟"

ومن بين الابتكارات القائمة على البيانات التي راج استخدامها الآن في صفوف المنظمات الإنسانية، استعمال نظم الخدمات المصرفية الإلكترونية لتسليم النقود مباشرة للمتضررين من الأزمات. ولهذه الممارسة ميزات عدة: فإلى جانب مساعدتها على الحد من التكاليف والمشاكل التي قد تنجر عن توريد كميات هائلة من الأغذية أو السلع لمنطقة تعيش أزمة، يمكن النقد الناس من دعم الأسواق والمنتجين على المستوى المحلي مع ترك الخيار لهم فيما يتعلق بأي احتياجاتهم الأكثر إلحاحا يريدون تلبيتها.  

كما أنها أأمن من غيرها من الممارسات في مناطق النزاع. ويقول Massimo Marelli، رئيس مكتب حماية البيانات في اللجنة الدولية للصليب الأحمر:” إن توفير الأموال النقدية يحد من بروز الأشخاص وتعريضهم للخطر لأنه لا يتطلب تجمعهم في نفس المكان للحصول على الغذاء أثناء توزيعه، وهو ما من شأنه أن يعزز استضعافهم.” 

ولكنها ممارسة لا تخلو من المخاطر، وأحد هذه المخاطر يكمن في احتمال إساء استغلال البيانات التي تسخدم في التحويلات النقدية. وبينما تستخدم المصارف نُظم التشفير لحماية محتوى التحويلات النقدية، فإن كل تحويل نقدي يقترن ببيانات معينة تساعد على إيصال المال إلى حيث يجب أن يصل. وهو ما نطلق عليه “البيانات الوصفية” وهي بمثابة العنوان الذي يُوضع على طرد ما. وصحيح أن محتوى الطرد محمي، ولكن البيانات الوصفية الموجودة فوقه قادرة على كشف الكثير من المعلومات بشأن المُرسل ومكان الإرسال والمُرسل إليه وزمن الإرسال وما إلى ذلك.  

ويشيرMarelli إلى أنه إذا حصل طرف من أطراف النزاع على المعلومة، فإن ذلك قد يُفاقم تعرض الأشخاص المعنيين للاعتداء أو الهجوم. “متى يسحب المعنيون بالأمر الأموال النقدية؟ من أين؟ على ماذا ينفقونه؟ على ماذا ينفقونه؟ كل هذه المعلومات القيمة، التي يمكن أن تستخدم لتحديد الصورة العامة لشخص ما وقد تشير إلى أنه من الأرجح أن هذا الشخص عدو لأحد أطراف النزاع.” 

وفي السياق نفسه، تعتمد عدة نظم للرسائل المشفرة على البيانات الوصفية لضمان وصول الرسالة النصية القصيرة إلى حيث يجب أن تصل. ويبعث ذلك على القلق الشديد بما أن عدة منظمات إنسانية تستخدم نظم الرسائل النصية القصيرة لمشاركة معلومات هامة تتعلق بالصحة أو السلامة وغيرها ولتلقيها، عند التعامل مع فئات مستضعفة على غرار المهاجرين واللاجئين والنازحين جراء العنف أو الكوارث.  

ويشير الخبراء الذين استُشهد بهم في هذه القصة إلى أن هذه الشواغل لا ينبغي أن تتسبب في عزوف الأوساط الإنسانية عن استخدام التكنولوجيا. ولكنهم يرون أنه يجب على قطاع العمل الإنساني ككل أن يُعزّز فهمه للمخاطر التي تنطوي عليها التكنولوجيا، لكي يتعرفوا على التقنيات المبتكرة التي ينبغي تجنبها، والخطوات التي يتعين اتخاذها لحماية الأشخاص المعنيين وبياناتهم حين يبدؤون العمل بتقنية جديدة. ولهذا أصدرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر دليل حماية البيانات في العمل الإنساني لمساعدة موظفيها وأعضاء المنظمات الأخرى على تجاوز هذه المسائل الصعبة.  

من الواضح أن الكثير على المحك. فحين يعلم الناس أنه يُساء استخدام بياناتهم، قد يفقد العاملون في المجال الإنساني أحد أهم مكتسباتهم: ثقة من يرجون مساعدتهم.  

ويقول Marelli:”إذا فقد الناس ثقتهم فيك، إذا أصبحوا لا يثقون في أن البيانات ستستخدم فقط لأغراض إنسانية، فإنهم قد يتوقفون على اللجوء إليك.” “وهذا يعني أنهم سيحرمون من سهولة الوصول إلى الخدمات الإنسانية الأساسية. سيحرمون من الحصول على الرعاية الصحية، الصرف الصحي، الغذاء… وسيكون لذلك تداعيات وخيمة على الجميع.”  

أدت البيانات المتعلقة بسلوك المجتمع وتوجهاته دورا جوهريا في القضاء على فيروس إيبولا في نهاية المطاف في جمهورية الكونغو الديمقراطية سنة 2020. وفي هذه الصورة متطوع من الصليب الأحمر يستعرض بيانات جُمعت من أفراد المجتمع المحلي ساعدت الصليب الأحمر على الاستجابة لمخاوف المجتمع المحلي بشأن التدابير الصحية اللازمة لوضع حد لانتشار المرض، بعد دمجها مع بيانات استبيانات أخرى من هذا القبيل

ذات صلة

هبوط سلس

بالنسبة للمتطوعين مثل سامي راهيكاينين، فإن بناء الثقة مع المهاجرين الذين يأتون إلى مكان جديد بحثًا عن حياة جديدة أمر بالغ الأهمية. هذه قصته.

النهر الذي يُعطي ويسلب

تشكل مخاطر الفيضانات التي تتعرض لها مقاطعة رانغبور في بنغلاديش تحدياً كبيراً يعترض حياة الناس في مجتمعات الصيد المحلية الصغيرة. ولا يزال الناس، حتى بعد الدمار الذي خلّفه موسم الرياح الموسمية في عام 2019، يسعون جاهدين لإعادة بناء سبل عيشهم من نقطة الصفر.

هذا المنشور متوفر أيضًا ب:

اكتشف المزيد من القصص

احصل على قصص تستحق المشاركة وتُرسل إلى صندوق بريدك

ترغب في الاطلاع على آخر المستجدات؟

قد يثير هذا اهتمامك...

ممثل مسرحي يعثر على منصة جديدة بعد تعرض مسرحه للدمار

يجلب الدور الجديد الذي يؤديه هذا الممثل المسرحي الضحك والابتسامة ويحمل رسائل عن الصحة والسلامة للأطفال الذين يعيشون مأساة الحرب

القِ نظرة